22‏/03‏/2011

ارحموا الحزب اللي بنى مصر


وسط كل هذه الحالة الثورية الضخمة المسيطرة على البلاد نعلم أنه يوجد على نفس هذه الأرض أفراد الثورة المضادة, و نفس هؤلاء او جزء منهم يتحركون و يحاولون دفع الرأي العام في اتجاهات تخدم مصالحهم ورغباتهم, تلك الاتجاهات كان لها صور عديدة منذا انطلقت الثورة , و ربما حينما أذكر كلمات مثل: أجندات - كنتاكي - استقرا ر- تأييد -إحنا آسفين يا ريس - رد الجميل - شفيق رئيساً ..
أكون بذلك قد اختصرت الامر و وضحت قصدي.
و لكن وسط كل ذلك سألت نفسي: ما هو حال أعضاء الحزب الوطني المحروق الآن؟ هل كلهم مجندين لتنفيذ مخططات الثورة المضادة؟ هل تخلي عدد منهم عن الحزب الفاسد و طلقه بالثلاثة؟ هل هناك من يتم اقتيادهم كالعبيد لتنفيذ خطوات الثورة المضادة؟ هل هناك من هم ما زالوا مقتنعين بروعة الحزب و جمال الحزب و عظمة الحزب و يحاولون استخراج جثمانه الآن من قبره المحترق؟


سأحكي لكم قصة صديق مقرب مني, و هو عضو في الحزب, و طوال عدة سنوات كانت بيننا جولات من المناقشات السياسية الحادة و الهادئة, و لكم أن تتخيلوا نقاش بين معارض و بين عضو في الحزب الوطني يراه أجمل ما في مصر  ويرى صاحب أول طلعة جوية هو أعظم رئيس في مصر على مدى التاريخ ولن و لم يأتي مثله ولا يصح المساس به بربع كلمة


كنت أتمالك نفسي بقدر الإمكان عند الحديث معه, حتى جاء اليوم الذي بدأ فيه بالحديث بعصبية طاغية وصلت في النهاية إلى سباب ضد عدد من الأسماء و الكيانات المعارضة, كما أذكر أنه كان في شدة غضبه حينما سمع عن تعليقات المصريين على استهانة مبارك بضحايا عبارة السلام يوم ان كان جالساً مع مواطن بيشرب معاه الشاي أمام الكاميرات, يومها اتهم صديقي من رددوا هذه الانتقادات بالتفاهة و قال مثل شبيه بـ : مالقوش في الورد عيب ..  .. لكن المثل الذي قاله كان له علاقة بالقرود ! .. ما علينا ..


المهم أنني بعد تلك الألفاظ قررت عدم خوض أي مناقشات سياسية معه مرة أخرى , و مرت الأيام و جاءت الثورة , و تحدثنا في اليوم التالي لموقعة الجمل الكئيبة, يومها حدثني في الهاتف طالباً أن أقابله لنتحدث, أخبرني أنه اتصل بالمسئول عن وحدته الحزبية و أخبره برغبته في الاستقالة من الحزب, و عرف من الرجل أن أعضاء من الحزب هم من قاموا بجريمة موقعة الجمل, قابلته و كان محبطاً أشد الإحباط و غاضباً مما حدث, و كان سبب الغضب من باب: الأغبية خسّروا الريس تعاطف الناس!! أغبية
لم أحاول مناقشته, فقد كانت حالته لا تسمح بأي كلمة في الموضوع.
سافر صديقي إلى الخارج, و تم خلع مبارك و هو في الخارج, و بعد ايام قليلة لاحظت نشاط كبير لصديقي على الفيسبوك, ربما أكبر نشاط له على الإطلاق منذ أن اشترك في الموقع, و أطلق مجموعة من الآراء و الملاحظات الصادمة إلى حد ما بالنسبة لي:
- سمي الثورة و هو يحدثني عنها : "الهوجه بتاعتكم"
- و كرر كثيراً بطرق مختلفة فكرة: واضح إنها ثورة ديكتاتورية .. هو ده بقى التغيير اللي انتو عايزينه؟
- تمجيده لمبارك استمر بضراوة و لكنني كنت متفهماً ذلك , لكن المفاجأة الصارخة هي كلامه عن الحزب حينما قال: ده الحزب اللي عمل كتير عشان البلد .. ده الحزب اللي بنى مصر
!

و بعد يومين أصبحت الصورة التي تتصدر صفحته  هي صورة لعلم مصر و استبدل فيها صورة النسر بوجه الرئيس المخلوع
و بالتوازي كان دعمه لترشيح شفيق لرئاسة الجمهورية , و لاحظت أنه أعاد نشر إحدى تلك الصفحات التي تتحدث عن عمالة وائل غنيم (في خطوة لا معنى لها إلا تشويه صورة الثورة بأي شكل 

عندما رأيت كل ذلك حاولت ان أفهم, سألت نفسي ما الذي يحدث؟ هل مثلاً هو يرى أن ما حدث هزيمة شخصية لرأيه و فكره و على ذلك فإنه يرفض الهزيمة و يقابلها بسخط و كراهية للثورة و رموزها و يحاول إهالة التراب عليها باي شكل؟
أم أنه هناك شئ استجد و لا أعلمه؟ .. تعليمات حزبية مثلاً .. تحرك منظم .. معلومة لا أعرفها أعادت الروح لصديقي و أعادت حماسه
أم أنها مجرد قناعة شخصية مجردة؟ .. قناعة بأن مبارك قائد و أب رائع بني مصر و أن الحزب هو الأعظم على الإطلاق و له أفضال لا حصر لها على الشعب؟


حقاً لا أستطيع الجزم , لكنني أضع ذلك أمامكم و أدعوكم للتفكير و الانتباه, هذا مثال حي موجود بيننا, و بالتأكيد ليس هو الوحيد.
لا أدعو إلى إقصاء أحد طالما ليس هدفه تخريب الثورة و محاولة إفشالها و تشويهها لمجرد موقف شخصي نفسي بحت أو تحرك منظم مقصود به الثورة و مكتسباتها


تخيلوا معي ان هناك من كان الحزب الوطني و رئيسه المخلوع يجري في دمائه, هل نتوقع منه الاستسلام؟ .. هل نتوقع منه القبول بالامر الواقع و محاولة إعادة التفكير ببساطة؟
هذا الشعور لدى هؤلاء شعور مزعج, لأن كلامهم و تحركاتهم ليس هدفها وطني او حتى قناعة حزبية, لكنه مجرد محاولات مستمرة للتشويه و إثبات فشل الثورة ( لا أعلم كيف لكن أفعالهم تتحدث عنهم


أدعوكم أولاً للانتباه و الحفاظ على الثورة .. و ثانياً لمحاولة تحييد هؤلاء أو استمالتهم للثورة .. يجب أن نحتويهم بقدر ما نستطيع ... تعالوا تكون كلمتنا لهم : أهلاً بكم في مصر جديدة حرة ديموقراطية
(عندما قلت تلك الجملة لصديقي كان رده: مصر حرة و جميلة و ديموقراطية من قبل الهوجه بتاعتكو)


ملحوظة: الموافقة على التعديلات يعتبره هؤلاء هزيمة للثورة .. و بعضهم يقول أن المهمة الاولى نجحت بالموافقة على التعديلات و يتبقى تكريم مبارك و فوز شفيق بكرسي الرئاسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق