21‏/02‏/2011

إنها ثورة و ليست حادثة الدويقة !


للأسف .. مازال عدد غير قليل من المصريين لا يستوعبون بعد ما يحدث في مصر, نعم يرددون كلمة ثورة و أصبحت هي التعريف الرسمي و الشعبي لما حدث و مازال يحدث, لكنهم لا يتعاملون مع الأمور من المنطلق الثوري, بل التعامل مازال و كانها مجرد مظاهرات تضخمت قليلاً و تحولت إلى أزمة ثم انتهت بخلع مبارك و التحقيق مع بعض الفاسدين و السخرية منهم!


هذا التعامل المقصود من البعض و غير المقصود من البعض الآخر يشكل الخطر الأكبر على الثورة كلها ..


أخي المصري.. أعلم أن ما مررنا به جميعاً في الفترة الماضية شاق و مرهق نفسياً و بدنياً, لم نختبر ما حدث من قبل, و لم نكن مهيئين له, و بالطبع ليس لنا خبرات بتلك الأحداث الضخمة, و أعلم أن عدد كبير من المصريين كان يتمنى في كل لحظة نهاية ما يحدث بأي شكل حتى يعود إلى الحياة الطبيعية الهادئة نسبياً.


لكن يا اخي هذا قدرنا جميعاً , هذا قدر كل من يعاصر هذه الثورة التاريخية, قدرنا أن نظل تحت تأثير ما يحدث تماماً, و يجب أن نتعايش معه لا أن نهرب منه أو نسعى إلى إنهائه دون تحقيق الأهداف.


أخى المصري العزيز.. من فضلك, حاول أن تستوعب ما يحدث, حاول أن تذكر نفسك دائماً أننا نعيش معاً لحظات تاريخية فارقة في تاريخ الوطن, ليست مجرد قصة عابرة في نشرات الأخبار و مجموعة من العناوين الرنانة في الصحف و القنوات التليفزيونية و مجموعة فيديوهات و صور على الإنترنت, أبداً !


نحن  نعيد تشكيل مصر, نكتب صفحات و صفحات من التاريخ, و توقفنا الآن - إلى جانب أنه يدمر الثورة تدميراً - فإنه أيضاً لا معنى له لأن أصلاً مطلب الثورة الواضح و هو "إسقاط النظام" لم يتم بعد , و لن يتم في بضع أيام و فقط, بل سنحتاج ربما شهوراً حتى نسقط النظام فعلياً و نمنع بقايا النظام من محاولة ركوب الثورة بالطرق الملتوية المعتادة منهم و المتوقعة تماماً .


أخي المصري, هل تتخيل أن يتخلي النظام بهذه البساطة عن هذا القدر الهائل من السلطة و النفوذ الذي كان يتمتع به؟ .. هل تظن أن النظام هو مبارك فقط؟ .. ام تحاول إيهام نفسك بذلك حتى تجد مبرراً لتوقف الثورة؟


الثورات هدفها هو التغيير الشامل الكامل, تغيير النظام السياسي الحاكم و تغيير لعقلية و أسلوب حياة الأفراد , و بالطبع الشق الثاني سيحتاج سنوات و سنوات, لكنه لن ينطلق بكل قوته قبل تحقيق الشق الأول و هو تغيير النظام, و هو ما لم يتم بعد!


أخي, ثق تماماً أن الثوار المصممين على استكمال الثورة الآن لتحقيق كافة المطالب لديهم أيضاً الرغبة في إنهاء هذه الحالة من الترقب و التوتر و التحفز و لديهم الرغبة في التقاط الأنفاس, لكنهم إن توقفوا الآن فإن مصر قد تعود إلى الوراء و عندها سنندم جميعاً على ما حدث.


أخي, نحن الآن في مرحلة يجب أن يتحد فيها الإصرار مع الصبر, الثورة مازالت في البداية, و من المبكر جداً الحديث عن أي شئ غير إسقاط النظام أولاً.


من فضلك .. حاول أن تستوعب أننا في ظرف استثنائي بكل معنى الكلمة, لا تنتظر أن تعود حياتك كما كانت قبل بداية الثورة.


من فضلك .. كن على قدر الحدث الاستثنائي


و تذكر أن هناك من ضحوا بأرواحهم من أجل تحقيق مطالب الثورة, لذا فإن أقل ما نستطيع فعله هو التضحية ببرود الأعصاب و راحة البال و لنحاول بكل قوتنا أن نتعايش مع حياتنا الجديدة, حياة الثورة , و التي كلما تمسكنا بها و صممنا عليها الآن كلما انتهت سريعاً و كلما عدنا إلى الحياة التقليدية التي نفتقدها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق