02‏/06‏/2010

نـظـرات - قصة قصيرة




أدار المفتاح في باب المنزل و قبل أن يدفع الباب للدخول كان هناك من يسحبه من الطرف الآخر ..
كانت هي .. بوجهها المشرق المبتسم .. استأذنته أن تحمل عنه ما كان يحمل .. مالت باتجاه الحمولة .. فابتسم ابتسامة حملت في طياتها الكثير ..
فهو لم يكن قد تخلص بعد من تأثير ذلك الحدث العظيم عليه .. لم يكن يصدق بعد أنه قد أصبح معها في نفس المنزل .. يراها يوميا .. يحدثها بحرية و تخبره عن كل ما تريد دون قيود.
كان كلما نظر إليها و رأى ابتسامة الرضا و الراحة في عينيها كانت تدمع عيناه .. و يحاول أن يخفي تلك الدموع و يختار ركنا بعيدا في المنزل حتى  لا تلاحظ ..

و كثيرا ما كان يكتم دموعه حتى وقت الصلاة .. فينفجر بين يدي ربه .. شاكرا حامدا.

لم يتركها تحمل عنه ما كان يحمل .. فقد أخذ على نفسه عهدا أن يتوجها ملكة على عرش بيته مثلما توجها ملكة على قلبه و عقله.
و بنفس الابتسامة التي تراها العين فتصل إلى القلب .. اتجه إلى المطبخ و وضع ما كان يحمل على المنضدة , و عندما استدار للخروج وجدها أمامه و بابتسامة أكثر اتساعا أمسكت يديه و قالت ( حمدلله على السلامة)
سكت للحظات قبل أن يرد ( الله يسلمك) ... فرغم مرور ما يقارب الخمس سنوات .. إلا أنه كان مايزال مبتهجا , لا يقدر على التعبير من شدة السعادة .. بل إن الخمس سنوات زادته انبهارا بها .. فقد اكتشف أن ما كان يراه فيها قبل الزواج  حقيقة و ليست أوهام .. بل إنه اكتشف الكثير الذي زاده انبهارا .. بل الأكثر من ذلك أن علاقتهما بعد الزواج لم تختلف عما كانت عليه قبل الزواج .. فقد كان الاحترام المتبادل بنفس القوة .. بل زاد و وضح.
كانت أثناء تلك اللحظات تتأمله على هذه الحالة .. تلك الحالة التي كان عليها قبل أن يصبحا تحت سقف بيت واحد .. كانت تنظر له نظرة ممتلئة بالاحترام و الإعجاب و التعجب أيضا , فلم تكن تتخيل أن تلك النوعية من الرجال موجودة  .. و إن كانت موجودة فإنها نادرة و لا تنالها إلا من أراد الله لها الخير حقا ... كان هو أيضا يقول عنها ذلك ..

أدهشها التوافق بينهما كثيرا .. و أصبحت الآن و كلما رأته تنظر إليه و تسترجع تلك الأيام قبل الزواج .. كيف تحادثا لأول مرة و كيف كانت المعاملة بينهما مختلفة و مميزة .. كانت تتذكر ذلك فتبتسم  فيرى ابتسامتها فيسعد و يبادلها نفس النظرة بنفس الذكريات.

كانا طوال الوقت  يفكران في ذلك .. في كيفية وصولهما لتلك اللحظة .. و يرددان عبارة (سبحان الله) دائما .. فقد علما منذ البداية أن الله يرعاهما .. يرعى تلك العلاقة .. و أنه يريد لهما الخير و يريدهما نموذجا يحتذى..
انتظرا و صبرا حتى تحقق لهم الخير

كانا يتحدثان كثير بطبيعية الحال .. و كان التفاهم بينهما كبيرا ..

كانت أجمل لحظاتها عندما ترى نظرة الإعجاب و الحب في عينيه .. و كانت أجمل لحظاته عندما يرى نظرة الانبهار و السعادة و الاحترام في عينيها..

تلك النظرات التي لم يكن يقطعها إلا رنين  الهاتف .. أو دقات على الباب ...
أو صوت ابنتهما صارخة في سعادة طفولية ... ( بابا .... ماما )

 
 تمت.



 مايو2010

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق